کد مطلب:168122 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:168

حبیب بن مظاهر (مظهر) الاسدی الفقعسی الصحابی
(هو حبیب بن مُظهَّر بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طریف بن عمرو بن قیس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد.

أبوالقاسم الاسدیّ الفقعسی، كان صحابیاً رأی النبیّ (ع)، ذكره ابن الكلبی، [1] وكان ابن عمّ ربیعة بن حوط بن رئاب المكنّی أباثور الشاعر الفارس.

قال أهل السیر: إنّ حبیباً نزل الكوفة، وصحب علیّاً(ع) فی حروبه كلّها وكان من خاصّته وحملة علومه.

وروی الكشّی عن فضیل بن الزبیرقال: مرّ میثم التمّار علی فرس له، فاستقبله حبیب بن مظاهر الاسدی عند مجلس ‍ بنی أسد، فتحادثا حتی اختلف عنقا فرسیهما، ثمّ قال حبیب: لكأنّی بشیخ أصلع ضخم البطن یبیع البطّیخ عند دار الرزق، قد صُلب فی حبّ أهل بیت نبیّه، فتبقر بطنه علی الخشبة!

فقال میثم: وإنّی أعرف رجلاً أحمر له ضفیرتان، یخرج لنصرة ابن بنت نبیّه، فیُقتل ویُجال برأسه فی الكوفة!

ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأینا أكذب من هذین!؟

قال فلم یفترق المجلس حتّی أقبل رشید الهجری فطلبهما، فقالوا:افترقا، وسمعناهما یقولان كذا وكذا! فقال رشید: رحم اللّه میثماً! نسی ویُزاد فی عطاء


الذی یجیء بالرأس مائة درهم.

ثمّ أدبر، فقال القوم: هذا واللّه أكذبهم!

قال فما ذهبت الایّام واللیالی حتّی رأینا میثماً مصلوباً علی باب عمرو بن حریث!

وجیء برأس حبیب قد قُتل مع الحسین (ع)! ورأینا كلّما قالوا. [2] .

وذكر أهل السیر: أنّ حبیباً كان ممّن كاتب الحسین (ع). [3] .

قالوا: ولمّا ورد مسلم بن عقیل إلی الكوفة ونزل دار المختار، وأخذت الشیعة تختلف إلیه، قام فیهم جماعة من الخطباء، تقدّمهم عابس الشاكری، وثنّاه حبیب فقام وقال لعابس بعد خطبته: رحمك اللّه، لقد قضیت ما فی نفسك بواجز من القول، وأنا واللّه الذی لا إله إلاّ هو لعلی مثل ما أنت علیه! [4] .

قالوا: وجعل حبیب ومسلم (ابن عوسجة) یأخذان البیعة للحسین (ع) فی الكوفة، حتّی إذا دخل عبیداللّه بن زیاد الكوفة،وخذّل أهلها عن مسلم، وفرَّ أنصاره، حبسهما عشائرهما وأخفیاهما، فلّما ورد الحسین كربلا خرجا إلیه مختفیین یسیران اللیل ویكمنان النهار حتی وصلا إلیه!.

وروی ابن أبی طالب: أنّ حبیباً لمّا وصل إلی الحسین (ع) و رأی قلّة أنصاره وكثرة محاربیه قال للحسین: إنّ هاهنا حیّاً من بنی أسد، فلو أذنت لی لسرتُ إلیهم ودعوتهم إلی نصرتك، لعلّ اللّه أن یهدیهم ویدفع بهم عنك!

فأذن له الحسین (ع)، فسار إلیهم حتی وافاهم فجلس فی نادیهم ووعظهم،


وقال فی كلامه: یا بنی أسد! قد جئتكم بخیر ما أتی به رائد قومه، هذا الحسین بن علیّ أمیرالمؤمنین، وابن فاطمة بنت رسول اللّه (ع) قد نزل بین ظهرانیكم فی عصابة من المؤمنین، وقد أطافت به أعداؤه لیقتلوه! فأتیتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول اللّه (ع) فیه، فواللّه لئن نصرتموه لیعطینّكم اللّه شرف الدنیا والاخرة! وقد خصصتكم بهذه المكرمة لانّكم قومی وبنو أبی وأقرب الناس ‍ منی رحماً! فقام عبداللّه بن بشیر الاسدی وقال: شكر اللّه سعیك یا أبا القاسم، فواللّه لجئتنا بمكرمة یستأثر بها المرء الاحبّ فالاحبّ! أمّا أنا فأوّل من أجاب، وأجاب جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبیب،وانسلّ منهم رجل فأخبر ابن سعد! فأرسل الازرق فی خمسمائة فارس فعارضهم لیلاً، ومانعهم فلم یمتنعوا فقاتلهم، فلمّا علموا أن لاطاقة لهم بهم تراجعوا فی ظلام اللیل، وتحمّلوا عن منازلهم، وعاد حبیب إلی الحسین (ع) فأخبره بما كان، فقال (ع): وما تشاؤون إلاّ أن یشاء اللّه،ولاحول ولاقوّة إلاّ باللّه.). [5] .

ومن متابعة هذه الواقعة (دعوة حبیب حیّ بنی أسد لنصرة الامام (ع) فی المصادر التأریخیة التی تعرّضت لذكرها یُستفاد أنّ حبیب(رض) كان قد التحق بالامام (ع) فی كربلاء قبل الیوم السادس من المحرّم، ویتضح هذا جلیّاً فیقول الخوارزمی: (والتأمت العساكر عند عمر لستّة أیّام مضین من محرّم، فلمّا رأی ذلك حبیب بن مظاهر الاسدی جاء الی الحسین فقال له: یا ابن رسول اللّه، إنّ هاهنا حیّاً من بنی أسد قریباً منّا...). [6] .

ولمّا جاء قُرّة بن قیس الحنظلی إلی الامام (ع) رسولاً من ابن سعد، وأبلغه


رسالة عمر، ثمّ أجابه الامام (ع)،قال له حبیب: ویحك یا قُرَّة بن قیس أنّی ترجع إلی القوم الظالمین!؟ أنصر هذا الرجل الذی بآبائه أیّدك اللّه بالكرامة وإیّانا معك! فقال له قُرّة: أرجع إلی صاحبی بجواب رسالته وأری رأیی! [7] .

وكلّم حبیب القوم عصر یوم تاسوعاء قائلاً: (أما واللّه لبئس القوم عند اللّه غداً قوم یقدمون علیه قد قتلوا ذریّة نبیّه (ع) وعترته وأهل بیته (ع)، وعُبّاد أهل هذا المصر المجتهدین بالاسحاروالذاكرین اللّه كثیراً!). [8] .

ولمّا ردّ شمر بن ذی الجوشن علی إحدی مواعظ الامام (ع) قائلاً:(هو یعبداللّه علی حرف إنْ كان یدری ماتقول! فقال له حبیب بن مظاهر: واللّه إنّی لاراك تعبد اللّه علی سبعین حرفاً! وأنا أشهد انّك صادق ما تدری مایقول! قد طبع اللّه علی قلبك!). [9] .

وذكر الطبری وغیره أنّ حبیباً كان علی میسرة الحسین (ع)، وزهیراًعلی المیمنة، [10] وأنّه كان خفیف الاجابة لدعوة المبارز. [11] .

(قالوا: ولمّا صُرع مسلم بن عوسجة مشی إلیه الحسین (ع) ومعه حبیب، فقال حبیب: عزَّ علیَّ مصرعك یا مسلم، أَبشر بالجنّة!

فقال له مسلم قولاً ضعیفاً: بشّرك اللّه بخیر.

فقال حبیب: لولاأنّی أعلمُ أنّی فی إثرك لاحقٌ بك من ساعتی هذه لاحببتُ


أن توصی إلیَّ بكلّ ما أهمّك حتّی أحفظك فی كلّ ذلك بما أنت له أهل من الدین والقرابة.

فقال له: بلی، أوصیك بهذا رحمك اللّه! وأومأ بیدیه إلی الحسین (ع) أنْ تموت دونه!

فقال حبیب: أفعل وربّ الكعبة!). [12] .

(قالوا: ولمّا استأذن الحسین (ع) لصلاة الظهر وطلب منهم المهلة لاداء الصلاة قال له الحصین بن تمیم: إنها لاتُقبل منك!

فقال له حبیب: زعمت لاتُقبل الصلاة من آل رسول اللّه (ع) وتُقبل منك یا حمار!

فحمل الحصین وحمل علیه حبیب، فضرب حبیب وجه فرس الحصین بالسیف، فشبَّ به الفرس ووقع عنه، فحمله أصحابه واستنقذوه، وجعل حبیب یحمل فیهم لیختطفه منهم وهویقول:



أقسمُ لو كُنّا لكم أعدادا

أو شطركم ولّیتمُ أكتادا [13] .



یا شرَّ قوم حسباً وآدا

ثمّ قاتل القوم، فأخذ یحمل فیهم ویضرب بسیفه وهویقول:



أنا حبیبٌ وأبی مُظهَّر

فارس هیجاء وحرب تسعر



أنتم أعدُ عدّة وأكثر

ونحن أوفی منكم وأصبر



ونحن أعلی حُجَّة وأظهر

حقّاً وأتقی منكم وأعذر



ولم یزل یقولها حتّی قتل من القوم مقتلة عظیمة!). [14] .


وروی أنَّ القاسم بن حبیب وهو یومئذٍ قد راهق بصربقاتل أبیه قد علّق رأس أبیه حبیب فی لبان فرسه،(فأقبل مع الفارس لایفارقه، كلّما دخل القصر دخل معه، وإذا خرج خرج معه، فارتاب به فقال: مالك یا بُنیَّ تتبّعنی!؟ قال: لاشیء! قال: بلی با بُنییَّ فأخبرنی!؟ قال: إنّ هذا رأس أبی!أفتعطنیه حتّی أدفنه؟ قال: یا بُنیَّ لایرضی الامیر أن یُدفن!وأنا أرید أن یُثیبنی الامیر علی قتله ثواباً حسناً! فقال القاسم: لكنّ اللّه لایثیبك علی ذلك إلاّ أسواء الثواب! أمَ واللّه لقد قتلته خیراً منك، وبكی ثمّ فارقه، ومكث القاسم حتّی إذا أدرك لم تكن له همّة إلاّ اتّباع أثرقاتل أبیه لیجد منه غرّة فیقتله بأبیه، فلمّا كان زمان مصعب ابن الزبیر وغزا مصعب باجمیرا، [15] دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبیه فی فسطاطه! فأقبل یختلف فی طلبه والتماس غرّته، فدخل علیه وهو قائل [16] نصف النهار فضربه بسیفه حتّی برد.). [17] .

(وقیل: بل قتله رجلٌ یُقال له: بدیل بن صُریم، وأخذ رأسه فعلّقه فی عنق فرسه، فلما دخل الكوفة رآه ابن حبیب بن مظاهر وهو غلام غیر مراهق فوثب علیه وقتله، وأخذ رأسه.). [18] .

ولمّا قُتل حبیب (رض) هدَّ ذلك الحسین (ع) وقال: (عند اللّه أحتسب نفسی وحماة أصحابی.). [19] .


وفی بعض المقاتل أنه (ع) قال: (للّه درّك یا حبیب! لقد كنت فاضلاً تختم القرآن فی لیلة واحدة!). [20] .

وورد السلام علیه فی زیارة الناحیة المقدّسة: (السلام علی حبیب بن مظاهر الاسدی). [21] .


[1] راجع: جمهرة النسب، 1:241.

[2] رجال الكشّي، 78، رقم 133.

[3] راجع: الارشاد: 224، واللهوف: 14 وتاريخ الطبري،4:261.

[4] راجع: تاريخ الطبري، 4:264.

[5] إبصار العين: 100 -103.

[6] مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:345.

[7] تاريخ الطبري، 4: 311.

[8] تاريخ الطبري، 4:316.

[9] راجع: تاريخ الطبري، 4:323.

[10] راجع: الاخبار الطوال: 256.

[11] راجع: تاريخ الطبري، 4:326.

[12] إبصار العين: 104.

[13] أكتاد: جمع كتد: وهو مجتمع الكتفين من الانسان وغيره.

[14] إبصار العين: 104 -105.

[15] باجميرا: موضع من أرض الموصل كان مصعب بن الزبيريعسكر به في محاربة عبدالمك بن مروان حين يقصده من الشام أيّام منازعتهما في الخلافة.

[16] وهو قائل: يعني وهو نائم ساعة القيلولة.

[17] إبصار العين: 105 -106 وتأريخ الطبري، 4:335وانظر: الكامل في التاريخ، 3:291 -292.

[18] مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 2: 22.

[19] تأريخ الطبري، 4:336.

[20] معالي السبطين، 1:376، وانظر: ينابيع المودّة: 415.

[21] البحار، 45: 71.